الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

الخشب وقود المستقبل


الخشب وقود المستقبل أيٌ من مصادر الطاقة المتجددة هو الأكثر أهمية بالنسبة للإتحاد الأوروبي؟ الطاقة الشمسية، ربما؟ (تمتلك أوروبا ثلاثة أرباع طاقة العالم المجهزة من الطاقة الشمسية الضوئية). أو الرياح؟ (ضاعفت المانيا قدرتها من طاقة الرياح ثلاث مرات في السنوات العشر الماضية). والجواب بالنفي للخيارين معا. الى حد بعيد فأكبر مصدر للطاقة المتجددة في أوروبا حالياً هو الخشب.

الخشب بأشكاله المختلفة، من العصي والنشارة والحبيبات، يعادل قرابة نصف استهلاك الطاقة المتجددة في أوروبا. وفي بعض الدول مثل بولندا وفنلندا، يسد الخشب أكثر من 80 بالمائة من الطلب على الطاقة المتجددة. وحتى في المانيا وهي موطن «تحول الطاقة» والتي أغدقت معونات ضخمة على طاقتي الشمس والرياح، يأتي 38 بالمائة من استهلاك الوقود غير الأحفوري من هذه المادة. وبعد سنوات من تباهي الحكومات الأوروبية بثورتها ذات التقنية المتطورة وطاقتها منخفضة الكاربون، فالمستفيد الرئيس سيكون الوقود المفضل لمجتمعات ما قبل الصناعة.

تبدو فكرة أن الخشب قليل الكاربون غريبة. ولكن الحجة الأصلية لتضمينه في قائمة الاتحاد الأوروبي لإمدادات الطاقة المتجددة جديرة بالاحترام. اذا كان الخشب المستخدم في محطة طاقة يأتي من غابات مدارة بشكل مناسب، حينئذ الكاربون المنبعث من المدخنة يمكن تعويضه بالكاربون الداخل والمخزّن في أشجار مزروعة حديثا. ويمكن للخشب أن يكون متعادل الكاربون.

في مجال الكهرباء للخشب مزايا ،فان انشاء حقول طواحين الهواء مكلفة ولكن محطات الطاقة يمكن تكييفها لحرق مزيج 90 بالمائة فحم و10 بالمائة خشب (ويدعى الحرق المشترك) باستثمار جديد قليل. وعلى عكس حقول الشمس والرياح الجديدة، فمحطات الطاقة مربوطة فعلاً بالشبكة.

طاقة متجددة



طاقة الخشب ليست متقطعة مثل تلك التي تنتجها الشمس والرياح: ولا تتطلب طاقة داعمة في الليل، أو في الأيام الساكنة. ونظراً لاستعمال الخشب في محطات الطاقة العاملة بالفحم التي قد تغلق ما عدا ذلك بسبب المعايير البيئية الجديدة، وهو أمر رائج جدا لدى شركات الطاقة.

كانت النتيجة هي تكوين تحالف لدعم الاعانات العامة للخشب. وجذب اليه جماعة الخضر الذين اعتقدوا أن الخشب متعادل الكاربون؛ شركات الخدمات التي رأت الحرق المشترك طريقة رخيصة لحماية محطاتها الفحمية؛ والحكومات التي رأت الخشب الوسيلة الوحيدة لإنجاز أهدافها المتعلقة بالطاقة المتجددة. ويريد الاتحاد الأوروبي الحصول على 20 بالمائة من طاقته من موارد متجددة في 2020؛ وسوف يتخلف عن هدفه بمسافة طويلة اذا اعتمد على الشمس والرياح فحسب.

يخلق الاندفاع لتحقيق هدف 2020 نوعاً جديدا من مشاريع الطاقة. في الماضي، الكهرباء المستخرجة من الخشب كانت عملية تدوير نفايات وصغيرة الحجم: احتاجت مصانع اللباب والورق الاسكندنافية لمحطات طاقة بجوارها لتحرق فروع الأشجار والنشارة. وجاء بعدها الحرق المشترك، وهو تغيير هامشي. ولكن في 2011، حوّلت شركة «ار دبليو إي» الألمانية العملاقة محطتها الكهربائية «تيلبوري بي» في شرق انكلترا لتعمل بالكامل بحبيبات الخشب (وهو شكل شائع من الخشب لأغراض الحرق صناعيا).

«دراكس»، في بريطانيا أيضا وهي احدى أكبر محطات الطاقة الفحمية في أوروبا، قالت أنها ستحول ثلاثة من مراجلها الستة لحرق الخشب. وعندما تعمل في 2016 ستولد 12،5 تيراواط/ساعة من الكهرباء في السنة. وهذه الطاقة ستحظى بالدعم، ويسمى شهادة التزام متجددة، وتبلغ 68 دولاراً لكل ميغاواط/ساعة، وهو ما يفوق سعر السوق للكهرباء.



اسراف مستمر

مع وجود حوافز مثل هذه، فالشركات الأوروبية تطوف الأرض بحثاً عن الخشب. واستهلكت أوروبا 13 مليون طن من حبيبات الخشب في 2012، وفقاً لمجموعة أسواق الخشب العالمية وهي شركة كندية. وحسب المؤشرات الحالية سيرتفع طلب أوروبا الى 25مليونا-30 مليون طن سنويا في 2020.

لا تنتج أوروبا خشباً كافيا لسد الطلب الاضافي. ولذلك يأتي قسم كبير منه عبر الاستيراد. وارتفع استيراد حبيبات الخشب الى الاتحاد الأوروبي بنسبة 50 بالمائة في 2010 وحدها وقد ترتفع تجارتها العالمية خمس أو ست مرات من 10 ملايين-12 مليون طن سنويا الى 60 مليون طن في 2020. ويأتي الكثير من ذلك بمشاريع جديدة مصدِّرة للخشب تزدهر في غرب كندا والجنوب الأميركي.

الأسعار مرتفعة جدا، والخشب ليس سلعة ولا يوجد سعر وحيد. لكن مؤشراً لأسعار حبيبات الخشب نشرته «ارغوس بايوماس ماركتس» ارتفع من 116 يورو للطن في آب 2010 الى 129 يورو للطن في نهاية 2012.

وارتفع سعر الخشب الصلب في غرب كندا بنحو 60 بالمائة منذ نهاية 2011.

يؤدي هذا الى تسليط الضغط على الشركات التي تستخدم الخشب كمدخلات. وقرابة 20 بالمائة من المناشر الكبيرة التي تصنع المقاطع الخشبية المستخدمة في صناعة البناء قد أغلقت أبوابها في أوروبا خلال السنوات الخمس الماضية.

ارتفاع أسعار الخشب يؤذي شركات الورق واللباب، وهي في وضع سيئ ،على أية حال، يبقى انتاج الورق والألواح الخشبية في أوروبا أقل من مستوى الذروة في 2007 بنحو 10 بالمائة. وفي بريطانيا يشكو صانعو الأثاث من أن منافسة شركات الطاقة «ستؤدي لإنهيار القاعدة السائدة لصناعة الأثاث البريطانية، ما لم تقلل أو تلغى الاعانات.»

لكن اذا كان تقديم الدعم لطاقة الخشب وسيلة كفوءة لخفض انبعاثات الكاربون، فربما يشطب هذا الضرر المباشر باعتباره نتيجة غير مناسبة لسياسة كانت مفيدة في الإجمال.

ينتج الخشب الكاربون مرتين أو أكثر: مرة في محطة الطاقة، وأخرى في سلسلة العرض. وتتضمن عملية صنع الحبيبات من الخشب طحنه وتحويله الى عجينة ووضعه تحت الضغط. وكل ذلك اضافة للشحن يتطلب طاقة وينتج الكاربون: 200 كيلوغرام من ثاني أوكسيد الكاربون لكمية من الخشب تكفي لتوفير 1 ميغاواط/ساعة من الكهرباء.

استنتج العلماء في السنوات القليلة الماضية أن الفكرة الأصليةالمتعلقة بالكاربون في غابات تحت السيطرة سيعوض الكاربون في محطات الطاقة- مفرطة في التبسيط. في الواقع، يعتمد الكاربون حيادياً على نمط الغابة المستخدمة، ومدى سرعة نمو الأشجار، واستخدام رقائق الخشب أو الأشجار بأكملها وغير ذلك.

يعتقد «تيم سيرشينغر» من جامعة برينستون أن استعمال الأشجار بكاملها لانتاج الطاقة فهي ستزيد انبعاثات الكاربون مقارنةً مع الفحم بنسبة 79 بالمائة خلال عشرين سنة و49 بالمائة خلال أربعين سنة؛ ولن يتراجع مستوى الكاربون الا بعد مرور مائة سنة، عندما تكبر الأشجار البديلة.


تسخير الطاقة الشمسية: وقود من كوب ماء


تسخير الطاقة الشمسية: وقود من كوب ماء
Photosynthesis
مصدر الصورة Energy Kid’s Page، إدارة معلومات الطاقة الأمريكية
التمثيل الضوئي هو إحدى طرق إنتاج الطاقة من ضوء الشمس. والوقود الناتج هنا هو الجلوكوز الذي تستخدمه النباتات والحيوانات. والسؤال الهام هنا: هل يمكن تطبيق العملية نفسها لإنتاج نوع من الطاقة يمكن استخدامه بدلاً من أنواع الوقود الحفري؟
كيف تقوم الطبيعة بذلك
Fuel cell
مصدر الصورة Department of Energy.
من المخطط أن تكون خلايا الوقود الهيدروجيني مصدرًا هامًا للطاقة في المستقبل. لكن المشكلة الكبرى هي كيفية تكوين الهيدروجين.
 
ماذا لو وجدنا طريقة لاستخدام ضوء الشمس لإنتاج طاقة نظيفة؟ ونعني بطاقة "نظيفة" طاقة لا ينتج عنها أي تلوث أو مخلفات. بالطبع يمكن للألواح الشمسية توليد كهرباء نظيفة. لكن هناك قيود تحدد عمل الألواح الشمسية. فهي تحتاج إلى ضوء الشمس لتقوم بعملها، لذا فهي لا تولد الكهرباء ليلاً أو في الجو الملبد بالغيوم. بالإضافة إلى ذلك، هناك حد معين لكمية الطاقة التي يمكن إنتاجها يرتبط بحجم كل لوح. وهذا ما يجعل من تلك الطاقة المولّدة شمسيا مصدرًا غيرعملي بالنسبة لبعض الأشياء، مثل تزويد وقود الآليات والسيارات. هل هناك طرق أخرى لاستخدام ضوء الشمس لإنتاج الطاقة؟
انظر إلى الطبيعة من حولك وسوف تكتشف أن الإجابة هي "نعم". تمتص النباتات الخضراء ضوء الشمس وتنتج الطاقة من خلال عملية التمثيل الضوئي. فتقوم هذه العملية بتحويل ثاني أكسيد الكربون الجوي والماء إلى سكر وأكسجين. وتستخدم النباتات الكلوروفيل - المادة الخضراء الملونة في الأوراق - للحصول على الطاقة الضوئية من الشمس وتحويلها إلى طاقة كيميائية يمكن تخزينها. تستخدم النباتات بعد ذلك هذه الطاقة الكيميائية لتحويل الماء وثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين وسكر، الذي يستخدمه النبات كوقود.
يقترب الباحثون من الوصول إلى طرق لتطبيق فكرة مماثلة لاستخراج الهيدروجين، الذي يمكن استخدامه لإمداد خلايا الوقود بالطاقة. ومن المخطط أن تكون خلايا الوقود هي الوقود المستقبلي للسيارات والأجهزة الأخرى التي تعمل بالكهرباء. وتستخدم هذه الخلايا الهيدروجين والأكسجين لتوليد الكهرباء. وتعتبر خلايا الوقود أحد مصادر الطاقة النظيفة لأن الناتج الوحيد المصاحب لهذه لعملية هو الماء. إلا أنه حاليًا، يتم إنتاج الوقود الهيدروجيني من أنواع الوقود الحفري، مما يجعله مصدرًا "غير نظيف" للوقود.
ماذا لو تمكنّا من إنتاج الهيدروجين بصورة نظيفة؟ يمكننا ذلك عن طريق التحليل الكهربائي. والتحليل الكهربائي هو عبارة عن عملية تستخدم الكهرباء لتقسيم الماء إلى هيدروجين وأكسجين. يتم استخدام الهيدروجين كوقود ليتحول مرة أخرى إلى كهرباء في خلية الوقود. لكن التحليل الكهربائي يستهلك الكثير من الكهرباء، ونسبة كمية الطاقة المستخدمة لإنتاج الطاقة بوجهٍ عام -القدرة- ليست نسبة جيدة.
بدءًا من ربيع 2008، أعلن عدد من فرق الأبحاث حول العالم أنهم نجحوا في استخدام ضوء الشمس، بالإضافة إلى محفزات، في تقسيم الماء إلى أكسجين وهيدروجين. إليك كيفية القيام بهذه العملية: تستخدم الكهرباء المولدة من الألواح الشمسية في تقسيم جزيئات المياه إلى غاز الهيدروجين وغاز الأكسجين. ثم يتم بعد ذلك تخزين هذين الغازين. وفي الأيام الملبدة بالغيوم أو أثناء الليل، يمكن استخدام هذين الغازين في خلية وقود لتوليد الكهرباء. وسر النجاح هنا، وفقًا للباحثين بجامعة موناش بأستراليا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في الولايات المتحدة، هو المحفزات. وتستخدم كل مجموعة محفزًا معدنيًا مختلفًا للمساعدة على حدوث التفاعل، إلا أن النتائج في المعامل جميعها كانت واحدة: المياه والطاقة الضوئية للشمس تنتج الهيدروجين والأكسجين. وهناك إضافة جيدة، وهي أن العملية كلها تحدث بنظام الدائرة المغلقة. فيجري كلٌ من الهيدروجين والماء عبر خلية الوقود منتجًا الماء الذي يتم بعد ذلك الاحتفاظ به واستخدامه مرة أخرى.
في الوقت الحالي، هناك الكثير من العمل لابد من إنجازه قبل أن تنتقل العملية من مرحلة البحث إلى مرحلة التوفر تجاريًا. فيجب أن تنتج التفاعلات كميات من الهيدروجين أكثر بكثير مما تنتجه الآن في المعامل. لكن احرص على متابعة هذا الأمر. فالتطبيقات العملية في طريقها للظهور قريبًا.

 

 

الأحد، 27 سبتمبر 2015

هل يمكن أن تكون الطحالب وقود المستقبل؟ مشروع للاتحاد الأوروبي يعمل على تطوير مصادر جديدة

هل يمكن أن تكون الطحالب وقود المستقبل؟ وفقا للباحثين العاملين في مشروع التعاون عبر الحدود في المتوسط ​​الذي يموله الاتحاد الأوروبي، فإن الطحالب الدقيقة يمكن أن تشكل بديلا محتملا للوقود بدون الاضرار التي تلحقها مصادر الوقود الحيوي الأخرى. ففي الوقت الذي يواجه فيه العالم استنفاذا في احتياطي الوقود الأحفوري وزيادة مطردة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون أصبح من المستعجل تطوير مصادر جديدة تسمح بتزويد سياراتنا بالوقود. وقد قرر الشركاء العشرة في "ميد للطحالب" لمشروع التعاون عبر الحدود في المتوسط مواجهة هذه التحدي الكبير من خلال إنتاج وقود الديزل الحيوي باستخدام الطحالب الدقيقة، أي وقود الطحالب.
 
وبمناسبة يوم إعلامي نظم في مختبر معهد البحوث الزراعية في قبرص، تمكن الزوار من معاينة النتائج الواعدة لمشروع"ميد للطحالب".
 
وتتفق الأوساط العلمية على فوائد الطحالب الدقيقة. ويمكن لهذه الأخيرة انتاج ما يقرب عشر مرات أكثر من الوقود الزراعي التقليدي (السلجم، وزيت النخيل)، فهي تتميز بأنها سهلة الزراعة وتنمو بشكل سريع. وعلى عكس السلجم، على سبيل المثال، فإن إنتاج الطحالب الدقيقة يمكن أن يتم بدون تربة ولا يتنافس مع المحاصيل الغذائية .
 
  
وتتمثل الميزة الرئيسية للطحالب الدقيقة في بصمتها البيئية المحدودة: لا زراعة مكثفة ولا تلوث المياه الجوفية. ويُعتقد أيضا أنه على الصعيد الصناعي يمكن أن يساهم إنتاج الطحالب الدقيقة في امتصاص ثاني اكسيد الكربون.
 
ومع ذلك، فإن هناك عدد من العقبات التي تحول دون توسيع الطحالب الدقيقة. حيث أن استخراج الزيت من الطحالب الدقيقة الذي يتحول في وقود يعتبر مكلفا للغاية ومستهلكا للطاقة. وهناك عقبة أخرى تواجه الانتاج الحيوي لوقود الديزل الحيوي، وهو التعرف على سلالات الطحالب الفعالة، والأكثر مقاومة والأسهل للجني. وأخيرا، ومن أجل تعزيز ظهور سلسلة قيمة جديدة، فمن الضروري توفير كمية ونوعية كافية من وقود الطحالب. وبفضل إنشاء مختبرات نموذجية ومركز إقليمي للإنتاج في الإسكندرية (مصر) يأمل مشروع"ميد للطحالب" التغلب على كل هذه العقبات.
 
يولي مشروع" ميد للطحالب" أيضا أهمية للمنتجات المشتقة من زراعة الطحالب الدقيقة التي تملك قدرة على توليد مجموعة واسعة من المركبات البيولوجية النشطة ذات القيمة العالية مثل الأصباغ الطبيعية، ومضادات الأكسدة، والفيتامينات، والأحماض الدهنية. ويمكن استخدام هذه المركبات في مختلف القطاعات، ولا سيما الأدوية، ومستحضرات التجميل، والأغذية الوظيفية والمكملات الغذائية. كل هذه الفرص التجارية المحتملة المرتبطة بإنتاج الوقود الحيوي يمكن أن تقنع السلطات العامة والقطاع الخاص من اجل الاستثمار في مجال البحوث بغية تسريع استخدام الطحالب الدقيقة وتشجيع تطوير سلسلة اقتصادية ذات قيمة عالية.
 
برنامج التعاون عبر الحدود في حوض البحر الأبيض المتوسط للآلية الأوروبية للجوار والشراكة ​​2007/2013 " مشروع متعدد الأطراف للتعاون عبر الحدود يحظى بتمويل مشترك من الاتحاد الأوروبي في إطار الآلية الأوروبية للجوار والشراكة. ويرمي إلى تعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي وأقاليم الدول الشريكة الواقعة على ضفتي البحر الأبيض المتوسط.  ( مركز معلومات الجوار الأوروبي).

وقود المستقبل في خلايا

بات واضحاً للجميع أن البحث عن بدائل للوقود الحفري أصبح أمرًا حتميًا وبالأخص بعد ارتفاع أسعار أشكال الوقود التقليدية ، وما تبعها من إضرابات لسائقي الشاحنات في أماكن متفرقة في أوروبا.
ولكن العلماء كانوا أبعد  نظرا؛ فقد عكفوا على الدراسات؛ للبحث عن مصادر أخرى للطاقة ، واقتطعت حكومات الدول المتقدمة جانبًا من ميزانيتها لاستمرار وتطوير هذه الأبحاث، وكانت النتائج مرضية جدًّا، فقد تم تطوير استخدام الطاقة الشمسية؛ لتوليد الكهرباء، واستخدام طاقات المد والجذر وأمواج البحر كطاقات حركية يمكن تحويلها لطاقة كهربائية، والاستعاضة بالعديد من مصادر الطاقة البديلة عن الوقود الحفري.
قد يسأل البعض هنا: إذا كانت هناك صور أخرى لمصادر الطاقة فلماذا إذن الاعتماد على الوقود الحفري ما زال مستمراً حتى الآن؟
السبب في ذلك هو أن هذه التكنولوجيات الجديدة ما زالت عالية التكلفة، ولا تصلح لجميع التطبيقات كبديل عن الوقود الحفري، فكما نلاحظ أن أغلب هذه التكنولوجيات تصل في النهاية إلى الطاقة الكهربائية، وعلى الرغم من أن الكهرباء تستخدم اليوم على نطاق واسع فإنها لم تحتوِ حتى الآن على كل تطبيقات الوقود الحفري، وبالأخص الحيوي منها مثل إدارة السيارات والشاحنات بالكهرباء، وكذلك فإن معظم هذه المصادر الجديدة للطاقة تعتمد على ظروف مناخية وجغرافية معينة مثل سطوع الشمس لفترات طويلة بالنسبة للطاقة الشمسية والوجود بالقرب من البحر لطاقات المد والجذر وحركة الأمواج.
ووسط التحديات التي يتعرض لها العلماء للبحث عن وقود المستقبل الجديد سطعت في الآفاق مجدداً خلايا الوقود (fuel cell) كبديل شامل وعام بدلاً من الوقود الحفري ومع استمرار الأبحاث وتطويرها تظهر النتائج أنه سيصبح وقود المستقبل الجديد.
خلايا الوقود هي صورة من صور تحويل الطاقة الكيميائية المختزنة في المركبات الهيدروكربونية إلى طاقة كهربائية مباشرة.
والوقود المستخدم في هذه الخلايا هو إما الهيدروجين أو الغاز الطبيعي أو الميثانول بالاستعانة بالأكسجين أو الهواء الجوي.
وتعتبر تطبيقات الهيدروجين من أوسع التطبيقات، حيث يمكن الحصول عليه من التحليل الكهربي للماء (electrolysis of water) .
وفكرة عمل خلية الوقود تعتمد على وجود غشاء فاصل (membrane) من الحديد سطحه مغطى بمساعد حفزي (catalyst) من البلاتنيوم (platinum) وعند دخول الهيدروجين ((H2 يعمل البلاتنيوم على فصله إلى بروتون (protons) وإلكترون (electrons) ويسمح الغشاء الفاصل بمرور البروتونات، ولا يسمح بمرور الإلكترونات التي لا تجد وسيلة للعبور إلا من خلال سلك حول الغشاء الفاصل؛ ليتولد فيض من الإلكترونات في السلك، والحصول على تيار كهربي مستمر (DC) وفي الناحية المقابلة من الغشاء يتحد الإلكترون مع البروتون مرة أخرى وفي وجود هواء جوي يتكون ماء (H2O) وحرارة.
والجدير بالذكر هنا هو أننا نحصل على الكهرباء غالباً من الماء إما من مساقط المياه كما في السد العالي في مصر أو من المحطات البخارية، وكذلك نحصل على الهيدروجين من الماء والكهرباء معاً بالتحليل الكهربي للماء، ثم باستخدام خلايا الوقود نحصل من الهيدروجين على الكهرباء وماء مرة أخرى، وهي دائرة شبه مغلقة ومتجددة؛ لأن المصدر الرئيسي هو الماء ولا يمكن أن تفنى أو تنتهي مثل الوقود الحفري .
وكذلك تعتبر خلايا الوقود نوعًا من أنواع تخزين الطاقة (storage energy) حيث إنها تبدأ في استخدام الكهرباء في التحليل الكهربي وتنتهي بالحصول على الكهرباء عند الاستخدام.
وعند التجريب العملي لخلايا الوقود وجد أنه تتكون في النواتج بعض من مركبات أكاسيد النيتروجين (NOX) وأكاسيد الكبريت (SOX) وهي أكاسيد ضارة جدًّا، وللتغلب عليها يمكن تركيب ممصّات لهذه الأكاسيد مع الخلية.
أما أهم مميزات خلايا الوقود الهيدروجينية فهي:
1-لا يوجد تلوث أو استهلاك لمصادر الوقود: حيث إن الهيدروجين ينتج من الماء، وبالأكسدة يعود إلى ماء مره أخرى، ولا توجد أي عوادم جانبية ضارة على صحة الإنسان والبيئة.
2-آمنة للغاية: حيث إن تكنولوجيا الهيدروجين لا تحتوي على أية عناصر تسبب أية أخطار ممكنة.
3-كفاءة التشغيل عالية جدًّا: لأنها تحول الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربائية بشكل مباشر مما لا يسبب أي فقد في الطاقة في أي صورة من الصور.
4-هادئة في التشغيل: لا يمكن أن تسمع لخلية الوقود أي صوت أثناء عملها.
5-عمرها أطول وصيانتها أقل.
6-يمكن التحكم في حجمها حسب الطاقة الكهربائية التي تحتاجها للتشغيل.
وتنصب الأبحاث حالياً على إيجاد تطبيقات جديدة لخلايا الوقود؛ حتى تصبح بديلًا لكل صور الطاقة الأخرى، وتكون بحق وقود المستقبل.
 
 
الهيدروجينالهيدروجين من مصادر الطاقة المتجددة، إذ يمكن الحصول عليه من عدد كبير من المصادر وبطرق مختلفة، كالتحليل الكهربائي للماء والذي يؤدي إلى كسر الروابط الكيميائية بين الأوكسجين والهيدروجين في الماء، إلا أن هذه الطريقة مكلفة ماديا بسبب استهلاكها كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية، ولذلك يتم إجراء عملية التحليل الكهربائي للماء على درجات حرارة عالية من أجل تقليل كمية الطاقة الكهربائية اللازمة لعملية التحليل.

ومن الطرق المستخدمة لإنتاج غاز الهيدروجين، طريقة البخار المحسن، ويستعمل في العادة الغاز الطبيعي الذي تتم مفاعلته مع البخار تحت حرارة عالية تتراوح ما بين 800 و1700 درجة مئوية في غرفة احتراق وبوجود عامل مساعد.
يستخدم الهيدروجين في وقود الدفع للصواريخ والمركبات الفضائية (الأوروبية)
كما سعى العلماء إلى محاكاة النباتات في قدرتها على تحليل الماء إلى عنصريه الأوليين بوجود أشعة الشمس ومادة الكلوروفيل حيث يتم الحصول على الأوكسجين والهيدروجين، والأخير تستخدمه النباتات للتفاعل مع ثاني أكسيد الكربون لتكوين الكربوهيدرات، وقد تم تقليد النباتات في المختبر لإنتاج غاز الهيدروجين.

ورغم أهمية تلك الطرق لإنتاج الهيدروجين، فإنها مكلفة ماديا وغير مجدية اقتصاديا، وهذا عزز فكرة استغلال التكنولوجيا الحيوية لإنتاج الهيدروجين بالاستعانة ببعض البكتيريا حيث يتكون هذا الغاز، واستخدام بعض أنواع الطحالب القادرة على إنتاج غاز الهيدروجين بشكل طبيعي من الماء وبوجود ضوء الشمس.

التكنولوجيا الحيويةيستطيع بعض أنواع البكتيريا والطحالب إنتاج الهيدروجين عن طريق مجموعة من الإنزيمات، فالطحالب الخضراء من جنس "تشالميدوموناس" (Chlamydomonas)، وكذلك الطحالب الخضراء المزرقة التي تصنف ضمن البكتيريا المعروفة "سيانوباكتريا" (Cyanobacteria)، تستطيع إنتاج الهيدروجين عن طريق تحليل الماء بوجود الضوء، ليتكون الأوكسجين والهيدروجين.

وفي الواقع فإن بعض خلايا الكائنات الحية الدقيقة تنتج الهيدروجين للتخلص من القوة الاختزالية ومن الإلكترونات التي تنتج من تفاعلات الهدم للمادة العضوية، حيث تتكون جزيئات الهيدروجين عن طريق تفاعل الإلكترونات مع أيونات الهيدروجين بوجود إنزيمات الهيدروجيناز
(Hydrogenases).

يذكر أنه في عام 1998 تم تصميم نظام متكامل لمفاعل ضوئي يستخدم الطحالب الخضراء المزرقة من جنس نوستوك، لإنتاج غاز الهيدروجين، وفي نفس الوقت تمت أكسدة هذا الغاز لتوليد التيار الكهربائي، وقد اكتسب هذا النظام أهمية خاصة نظرا لإمكانية استخدامه في الأماكن النائية التي تفتقر لشبكات توزيع الطاقة الكهربائية.
"بينت التجارب التي أجراها الباحثون في جامعة واشنطن في سان لويس بولاية ميسوري الأميركية، أن بعض سلالات بكتيريا سيانو لها مقدرة عالية على إنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين"
أيضا فإن إنتاج الهيدروجين يمكن أن يتم في تفاعلات التخمر للمواد العضوية وعن طريق البكتيريا اللاهوائية (Clostridium Thermocellum)، وأيضا عن طريق البكتيريا الاختيارية (Facultative Bacteria) ومنها بكتيريا "إي.كولي". ويكون ذلك ضمن ظروف لا هوائية وفي الظلام.

هل يمكن للهيدروجين ان يصبح وقود المستقبل؟


يتميز غاز الهيدروجين بعدد من الخصائص الهامة التي تؤهله لأن يكون "وقود المستقبل"، فهو وقود نظيف وآمن بيئيا ولا يطلق غازات ضارة عند حرقه، ويمتلك طاقة عالية، لذلك يعد من المصادر المميزة للطاقة كوقود أو كناقل للطاقة في خلايا الوقود، حيث يمكن استخدامه سواء بشكل مباشر أو عند خلطه بالغاز الطبيعي بنسب محددة.

وعنصر الهيدروجين من أخف العناصر الكيميائية والأكثر وفرة في الكون، وهو غاز عديم الرائحة واللون والطعم وغير سام وقابل للاشتعال، ولا يوجد منفردا في الطبيعة، وفي العادة يكون متحدا مع عدد من العناصر ليشكل مركبات كيميائية مختلفة، سواء كانت بالحالة الغازية كالغاز الطبيعي، أو سائلة كالماء والنفط، أو صلبة كالمركبات الكربونية المختلفة.

ويمكن استعمال الهيدروجين لإنتاج الطاقة بعدة طرق، منها استعماله لتشغيل محركات الاحتراق الداخلي للسيارات والمركبات، أو في خلايا الوقود لإنتاج التيار الكهربائي، كما يستعمل الهيدروجين كوقود في المركبات الفضائية وصواريخ الدفع.